سورة آل عمران - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)} [آل عمران: 3/ 64].
التزم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالكلمة السواء هذه، وكتب بها إلى هرقل عظيم الروم وإلى غيره من أمراء وملوك العالم، ودعا بها أهل الكتاب في الجزيرة العربية، وكذلك ينبغي أن يدعى بها أهل الكتاب إلى يوم القيامة.
ثم أوضح القرآن حقيقة ملة إبراهيم عليه السلام، وهي ملة التوحيد، ورد على المحاجة في شأن إبراهيم، وأنه كان قبل نزول التوراة والإنجيل، فلم يكن إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا، ولكن كان حنيفا أي مائلا عن الشرك بالله والوثنية، وكان مسلما أي منقادا لله سبحانه وتعالى، وما كان من المشركين كمشركي العرب.
وإن أحق الناس وأجدرهم بشرف الانتماء إلى إبراهيم هو محمد رسول اللّه والمؤمنون بدعوته، وهؤلاء هم أتباع إبراهيم حقا، لاتفاقهم معه في الوحدانية والألوهية لله تعالى، واللّه ولي المؤمنين وناصرهم، قال اللّه تعالى مبينا القول الفصل في ملة إبراهيم وفي المحاجة التي أثيرت حوله:


{يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (65) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (66) ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)} [آل عمران: 3/ 65- 68].
وسبب نزول هذه الآية:
أن اليهود سألوا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: واللّه يا محمد، لقد علمت أنّا أولى بدين إبراهيم منك ومن غيرك، وأنه كان يهوديا، وما بك إلا الحسد، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا}.
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فيما رواه سعيد بن منصور عن ابن مسعود: «لكل نبي ولاة من النبيين، وإن وليي منهم أبي، وخليل ربي عز وجل» ثم قرأ هذه الآية.
التلاعب بالدين:
لقد أدى بزوغ فجر الإسلام إلى حدوث تشنجات ومواقف تعصبية من أهل الكتاب، ومحاولات إضلال المسلمين، ومعارضتهم آيات اللّه في التوراة والإنجيل، وترك العمل بمقتضاها، وخلط الحق بالباطل، والإيمان ببعض الكتاب أو القرآن والكفر ببعضه الآخر، وخلط كلام اللّه بكلام البشر المخترع الباطل، وكتمان الحق الصريح الواضح، وهو البشارة بالنبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم التي هي في الكتب السابقة.
سجّل القرآن الكريم هذه المواقف لأهل الكتاب، وروي أن معاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، دعاهم اليهود إلى دينهم، وترك دين الإسلام، فنزلت الآية التالية:


{وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (69)} [آل عمران: 3/ 69].
وهذا دليل على حبهم العميق فتنة المسلمين وإضلالهم.
ثم وبخهم اللّه تعالى على لسان نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم قائلا لهم: لأي سبب تكفرون بآيات اللّه التي هي آيات القرآن، وأنتم تشهدون أن أمر محمد وصفته آيتان في كتابكم؟ قال تعالى:

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10